Wednesday, November 14, 2018

حدثَ في نهاية الأسبوع

كان عليّ أن أجد نفسي بمواجهة الباب الحديدي المغلق لمحطة القطار عدة مرات أيام السبت أو الأحد، وأن أتلفّت لأتتبع الأسهم التي تدل على الباصات البديلة للقطار، وأن أصل متأخرة جدا على أصدقائي، حتى أقتنع أن تنبيه "تفقد حركة النقل العام قبل مغادرة
منزلك كما تتفقد حالة الطقس" له هدف في لندن. فلا مكان للعفوية في هذه المدينة.
التخطيط ليومَي نهاية الأسبوع يبدأ مع بداية الأسبوع وأحيانا قبل ذلك بكثير؛ الزيارات المفاجئة ملغيّة، والاتصالات حتى بالأصدقاء تنسّق مسبقا. مؤخرا فقط بدأتُ محاولات التأقلم مع أسلوب الحياة هذا، وصرت مثل البقية أتمنى لزملائي عند نهاية ساعات العمل يوم الجمعة "عطلة أسبوع سعيدة"، وفور وصولي المكتب يوم الاثنين أطمئن على أنهم أمضوا عطلة جيدة. وإنستغرام يطلعني باستمرار على نشاطات أصدقائي حول العالم والتي تبدو دائما مميزة في نهاية الأسبوع.
مع ذلك، ورغم غياب تلقائية العطلة، تبدو لندن أحلى في نهاية الأسبوع، وتكون ملونة أكثر بسبب تخلي كثيرين عن ثياب العمل الرمادية والسوداء الرسمية الكئيبة. لكن عليّ الاعتراف، التخطيط لهذين اليومين مهم؛ فلندن واسعة جدا ويستغرق التنقل بين مكان وآخر فيها وقتا، كما تجري في أيام العطل أعمال صيانة لا تنتهي لشبكة المواصلات القديمة، وعمال ميترو الأنفاق - الخائفين من أن يستبدلوا بأجهزة تسيّر العربات بدلا منهم - يضربون عن العمل أحيانا في العطلة.
في محاولة للابتعاد عن جو هذه الحياة المنضبطة، تواصلت مع نساء من اليمن والعراق ومصر ليكتبن عن حياتهن في العطلة. كان ممكنا أن تكون مواضيع هذه المدونة الجديدة طريفة جدا، أو حتى أن تحوي تهكما - مثلا - على ما تمر به كثير من النساء اللاتي يجدن أنفسهن يقمن بأعمال منزلية أكثر في وقت من المفترض أن يكون مخصصا للراحة. لكن التدوينات من بغداد وعدن والقاهرة وصلت مغمسة تماما بالسياسة؛ نصوص عن وجود المرأة في المكان العام المحكوم بقواعد الرجال.
من الصعب تخيل ما تشعر به شهد وهي تكتب عن مكانها المفضل لقضاء العطلة في بغداد: حديقة حولتها القوات الأمريكية التي غزت العراق لقاعدة عسكرية قبل أن تغادر البلاد.
وحليمة تكتب حقيقة جغرافية: "اليمن شبه جزيرة"، لكنها تضيف حقيقة جديدة صنعها البشر: "لكن النساء محرومات من الاستراحة عند أحد أطراف البحر" بسبب التواجد العسكري.
أما الضغوط على هبة - ابنة القاهرة - فمختلفة؛ ليست ضغوطا مفروضة بقوة العسكر بل بقوة العائلة والمجتمع؛ مجرد عادات لكن يصعب التنازل عنها وذلك غالبا مراعاة لكبار السن في العائلة الذين ربما كانوا قد قُمعوا بعادات اجتماعية أخرى عندما كانوا شبابا، ونسوا ذاك الشعور بالخذلان والضعف. تخبرنا هبة، وهي طالبة ماجستير في لندن، عن قصة حبها التي قد تنتهي بسبب اختلاف الأديان لكنها تحاول أن تستمع بجو نهاية العطلة، هي وابنتها، هنا في لندن.
لم تكن مواضيع النصوص عن فترة العطلة وحدها غير متوقعة؛ كذلك كانت ظروف التقاط بعض الصور. يكتب لي ياسر، وهو مصور من اليمن، أنه التقط صورا عند شاطئ في عدن، لكنه سيرسل الصور في وقت لاحق لأنه متعب وشخّصت إصابته بالملاريا. يكتب معتذرا وكأنه مصاب بمجرد زكام.
الصور التي التقطها ياسر - رغم تعبه - وباقي الصور التي أخذت للنساء هي جزء أساسي من هذه المدونة. الصور توثيق لمكان ذي أهمية لدى النساء-المدوّنات، والنص يكمل باقي القصة (أو بالعكس)؛ فبعض الأماكن قد اختفت (كما حدث لبوابة في منطقة التواهي في عدن)، أو احتلت مؤقتا (مثل حديقة في بغداد).
ألمى حسون - محررة شؤون المرأة